رواية وخذلني الحب الفصل الرابع عشر14 بقلم شروق فتحي

رواية وخذلني الحب الفصل الرابع عشر14 بقلم شروق فتحي
_أحنا رايحين فين؟! 
أجابتها سِهام ببرودٍ مريب، وعيناها مثبتتان على الطريق: 
_لعجفاء طبعاً! 
وما أن وصلا، حتى خيّم على المكان دخان كثيف ورائحة بخور خانقة، أصوات همهمات غريبة تتردد من الداخل.
دخلت سِهام بخطوات واثقة، بينما والدة يونس كانت تلتفت حولها بقلق.
سِهام وهي تنظر لعجفاء بابتسامة فخر: 
_بس ايه الحلاوة دي...أنتِ عملتي ايه بضبط؟! 
عجفاء وهي ترفع جانب شفتيها بابتسامة شريرة، عيناها تقدحان كالجمر: 
_مش أنتِ طلبتي أن حياتها تتدمر؟! وعلاقتها بيونس تدهور أكتر فأكتر لحد ما توصل للطلاق!...وأنا مسكت أول الخيط وعملت كده...وشويه بشوية تكون مش طايقه ولا هو طايقها! 
سِهام ابتسمت ابتسامة نصر بارد: 
_وهو ده المطلوب يا يا ست "عجفاء".
والدة يونس، وقد ابتلعت ريقها بصعوبة، عيناها تتنقل بين سِهام وعجفاء بقلق ظاهر:
_والخطوة الجايه هتكون ايه يا ست "عجفاء"؟ 
ابتسمت عجفاء ابتسامة مظلمة، عيناها تلتمعان كمن يرى ما لا يراه غيره، قبل أن ترد بصوت خفيض لكنه ينضح بالشر: 
_هو الجاي كله عليا مش تخافي!
ثم علت ضحكة مكتومة من فمها، كأنها وعدٌ مظلم يوشك أن يبتلع كل من في طريقه.
في الجهة الأخرى…كانت ريماس تبكي بحرقة، والدموع تنساب على وجنتيها، بينما والدتها تضمها بحنان وتتمتم بقلق:
_يا حبيبتى غلط اللي بتعملي في نفسك ده!... كده الجرح ممكن يفتح! 
لكن ريماس وضعت يديها على عينيها المرتجفتين وهي تبكي بصوت متهدج: 
_شوفتيها بتقولي ايه يا ماما...بتعيرني! 
اقترب يونس وجلس بجوارها، يمد يده ليمسح على شعرها بحنان يفيض صدقًا: 
_هي عايزه توصلك للحاله اللي أنتِ فيها دلوقتي...وكده هتكون نجحت...وبعدين مش أنتِ عندك أنا بالدنيا!
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰
في الجهة الأخرى…
كانت والدة يونس قد عادت إلى منزلها، وجلست على مقعدها، بينما أمسكت بهاتفها تجري مكالمة مع هناء.
قالت بصوت مفعم بالمكر: 
_بقولك يا بت يا هناء...خلاص كده قربت...وقريب أوي "يونس" هيسبها علشان هيكون عايز يخلف...وساعتها هنكون وصلنا للي عايزينه وتتجوزي "يونس". 
هناء شهقت من شدة الفرح، تكاد تطير من مكانها: 
_بجد يا خالتو؟! 
والدة يونس بابتسامة شيطانية: 
_طبعاً يا حبيبتى...بس البت سِهام دي طلعت مش سهله...لو تشوفيها وهي قاعظة بتتكلم مع "عجفاء" كأنها نسخه تانية منها! 
قهقهت هناء بخوفٍ متمازج مع السخرية: 
_أنا أصلًا بقيت بخاف منها!
مرّت الأيام، وعادت ريماس إلى منزلها بعد خروجها من المشفى، لكن حالتها النفسية لم تكن بخير… بل أخذت تتدهور يومًا بعد يوم.
في تلك الأثناء، كان يونس جالسًا في عمله حين اهتز هاتفه أمامه، فمد يده متثاقلًا، وحين وقعت عيناه على اسم المتصل… زفر بعمق.
لقد كانت والدته، وهو يعلم تمام العلم أن اتصالها في مثل هذا الوقت لا يأتي بخير.
ضغط زر الإجابة، وصوته يشي بالتعب:
_أيوه يا ماما...اه أنا لسه في الشغل!
جاءه صوتها، بنبرة حاولت أن تتصنع فيها الهدوء: 
_تمام أنا مستنياك؛ علشان عايزه أكلمك في موضوع! 
انعقد حاجباه فورًا، واستقرت في صدره غصّة قلق: 
_موضوع ايه؟!
أجابت بسرعة، كأنها تريد أن تنهي الحوار: 
_لما تيجي هقولك...علشان مش ينفع في تليفون...يلا سلام! 
وما إن أغلقت الخط، حتى أسند يونس ظهره على الكرسي وزفر بضيق، شعور ثقيل ينهش قلبه… كان متأكدًا أن الأمر ليس بخير.
وما أن أنهى يونس عمله، حتى توجه إلى منزل والدته، جلس أمامها ونظراته مشدودة، وصوته متحفظ: 
_ها يا ماما...موضوع ايه اللي كنتي عايزاني في؟!
لتأخذ نفس عميق، وكأنها على وشك أن تدوى أنفجارًا بذلك الحديث: 
_بس يا "يونس" أنا مش هعشلك العمر كلهُ يا حبيبي...وأنا نفسي أشوف ولادك بيلعبوا قدامي عيني! 
ارتفع حاجباه، وقد فهم مباشرة مبتغاها، فأجاب بجفاء: 
_ماما ربنا يديك طول العمر(ليكمل بتساؤل) بس حضرتك عارفه أن هو بقى مش ينفع؟! 
اعتدلت في جلستها واقتربت منه بخبثٍ مصحوب بمسكنة مصطنعة: 
_وايه اللي هيخلي مش ينفع بس...أنا مش بقولك طلق مراتك(عكس ما تريدهُ فهى تريد تخلص منها) علشان دي مش من أصولنا...أنا بقولك أتجوز (وهي تتصنع المسكنه عليه) يعني كتير عليا أشوف أحفادي بيلعبوا قدامي عيني! 
ليزيد يونس من الضغط على قبضة يديه، وأنفاسهُ تتعالى أكثر وكأنهُ في سباق: 
_ماما سبق وقولت لحضرتك الموضوع ده منهي...ولو على أحفاد ولاد "سليمان" موجودين قدام عينك ربنا يخليهملك! 
هنا تدخلت هناء، وهي تقترب منه بابتسامة مزيّفة وصوت متودد: 
_بس هي عايزة تفرح بيك انتَ كمان يا "يونس"!
ازداد ضغط يونس على يديه، حتى كادت عروقه تنفجر من الغيظ، وعيناه تلمعان برغبة في الصراخ بما يخفى. التفت بحدة، صوته متهدج بالانفعال: 
_أنا ماشي...والكلام ده منتهي تمامًا! 
وقف ليغادر، لكن صوت والدته أوقفه، كالسهم الذي انغرس في صدره: 
_أنا كلمتك بالحسنه لكن أنت زوّتها أوي...لو أنت مش عملت اللي قولتلك عليه يبقى أنتَ لا ابني ولا أعرفك!
توقف يونس، وشيء ما انكسر داخله. التفت إليها ببطء، عينيه دامعتان وقلبه يحترق من كلماتها، قبل أن يهز رأسه ساخرًا…تصطحبها تلك الابتسامة حزينة التى ترتسم على وجهه بينما الدموع على وشك الانهيار: 
_يعني يا ماما كل مشكلتك أن يكون عندي عيال... طيب أنا عايزه أعرفك حاجه
تعليقات