رواية وخذلني الحب الفصل الثالث عشر13 بقلم شروق فتحي

رواية وخذلني الحب الفصل الثالث عشر13 بقلم شروق فتحي
لكن… لم تدم تلك اللحظات طويلاً. طرقٌ مفاجئ على الباب قطع السكون، لتنهض شقيقة ريماس وتفتحه.
وما إن انفتح الباب، حتى انحبست الأنفاس… فقد كانت سِهام واقفة، وابتسامة غامضة ترتسم على محياها.
تقدمت بخطوات بطيئة، عيناها تتفحصان الغرفة، ثم استقرتا بشماتة على جسد ريماس المستلقي: 
_بقى كده يا "يونس" مش تعرفني أن "ريماس" عملت عملية(ابتلع يونس ريقه بتوتر، وقد أيقن أن السر انكشف.
لتكمل سِهام وهي تتصنع الحزن) لا بجد انا زعلانه منك... يعني تكون أختي بتعمل عملية ومش أعرف(ومن ثم التفتت نحو والدة ريماس) دي "ريماس" دي أختي بالضبط!  
لتظهر من خلفها والدة يونس، تتصنّع الحزن وتُخرج تنهيدة باهتة: 
_ايه يا "يونس" مش تعرفني بقى كده مش أقف مع "ريماس" في موقف زي ده! 
وقبل أن يفتح يونس فمه بكلمة، تقدمت شقيقة ريماس، والغضب يتسلل إلى ملامحها، محاولة السيطرة على أنفاسها المرتجفة: 
_هو حصل كل حاجه يا طنط بسرعة مش أكتر...نتيجة التحليل طلعت ودكتور قال لازم "ريماس" تعمل العملية...فمش لحقنا نقول لحد!
التفتت والدة ريماس نحوهم، وقلبها يعتصر ألمًا على ابنتها، ثم سألت بنبرة متوجسة: 
_بس صحيح أنتِ عرفتي منين يا "سِهام" إن "ريماس" عملت عملية؟! 
ارتبكت سِهام للحظة، لكنها سرعان ما رفعت رأسها محاولة إخفاء بريق الشماتة في عينيها، وأجابت بتمثيل متقن: 
_من الدكتور...أصل احنا شوفنا من أول الطرقة و"ريماس" نايمة على السرير...قلبنا كان هيقف من الخوف عليها...جرينا سألنا الدكتور...وعرفنا للأسف اللي حصل!
قالت كلماتها بصوتٍ يخالطه الأسى، لكن ابتسامتها المبطنة لم تخفَ على عين والدة ريماس، لتشعر بمرارة تسري في قلبها، لتضغط على قبضة يدها بقوة محاولة السيطرة على أعصابها، كي لا تفضح ما يجول في داخلها.
لتبتلع غصتها بصعوبة، ثم ابتسمت ابتسامة باهتة تخفي خلفها صراعًا داخليًا، وكأنها تحاول أن توهم الجميع بالثبات.
اقتربت والدة يونس بخطواتٍ بطيئة، ثم جلست بجوار السرير، تمد يدها لتملس على شعر ريماس برفقٍ متصنّع، فيما كانت عينا والدة ريماس تتابعانها بنظرات حادة، تكاد تُقطع يدها من شدّة الغيظ.
تنهدت والدة يونس بتمثيلٍ مُتقن، وهي تمسح على رأسها: 
_يا حبيبتى يحصل ليكي كده وأنتِ لسه في السن الصغير ده!
لتضغط شقيقه ريماس على قبضتها بقوة، فقد أدركت أن تلك الكلمات لم تكن سوى طعنة خفية تُغلفها الشماتة. همّت أن تفضح ما تخفيه ريماس، لكن في اللحظة الأخيرة شعرت بيد والدتها تعصر يدها بحزم، وإشارة صامتة من عينيها بالأ تتفوه بكلمة.
وما هي إلا لحظات، حتى بدأت ريماس تتحرك ببطء، فتحت عينيها المثقلتين، تنظر إلى أرجاء المكان بعينين مرهقتين، وكأنها لا تستوعب ما يدور حولها.
في تلك اللحظة، مالت والدة يونس بسرعة نحوها، وبحنانٍ مزيف وهي تملس على شعرها: 
_حمدالله على سلامتك يا حبيبتى! 
اتسعت حدقتا عيني ريماس حين وقعت نظراتها على وجهها، ارتجف قلبها بخوفٍ صامت، كأن حضورها ثِقَل لا تحتمله أنفاسها.
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰
لتندفع والدتها مسرعة نحوها، تمسك بيدها بحنوٍ حقيقي يقطر ألمًا ودموعًا، قائلة بصوتٍ مبحوح:
_حمد لله على سلامتك يا روح قلبي… أنا جنبك، متخافيش! 
تهافت الجميع نحوها، يقبلون جبينها بحب ودموع الفرح تلمع في أعينهم، كأنهم عادوا للتو من على حافة الخوف.
لكن عينَي ريماس لم تبحثا إلا عنه… رفعت بصرها لتجده واقفًا بعيدًا، دموعه تنهمر في صمت، يحاول أن يخفي ارتجافه خلف صمته.
مدّت يدها المرتعشة نحوه، تشير له أن يقترب،لم يتمالك يونس نفسه، هرول نحوها، قبض على يدها بين كفيه كأنه يخشى أن تفلت منه مرة أخرى، وعيناه تغرقان بدموع مختلطة بالامتنان والحب: 
_حمدالله على سلامتك يا حبيبتى...تعرفي أنا كل يوم بيمر عليا بعرف قد ايه قيمتك عندي...كفاية عندي أشوفك ابتسامتك دي عندي بالدنيا. 
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيها، رغم ألمها وضعفها، كأن كلماته كانت الدواء الذي أعاد لقلبها نبضه من جديد.
لكن لم تدم اللحظة طويلًا…
إذ تدخلت سِهام، وقد بدا الغِل والحقد ينهشان قلبها أكثر فأكثر، تحاول تمالك نفسها وهي تتصنّع ابتسامة باهتة: 
_كفاية أنتَ عندها يا "يونس"...ولا ايه يا "ريماس"؟! 
كان صوتها كمن ألقى حجرًا في ماء صافٍ، فعكّر صفو المشاعر في الغرفة.
التفتت إليها ريماس ببطء، نظرتها مرهقة لكن ثابتة، ثم أجابت بكلمة واحدة خرجت كطعنة صريحة:
_طبعًا!
تزايد الحقد في صدر سِهام، حتى لم تستطع كبته أكثر، فانطلقت كلماتها كطعنة غادرة مزّقت السكون: 
_وبعدين ولاد "زينة" هما زي ولادك بالظبط يا "ريماس"!
ساد الصمت لثوانٍ، قبل أن تنقلب الوجوه نحوها بضيقٍ واشمئزاز، فقد فهم الجميع ما ترمي إليه تلك الأفعى.
وكانت والدة يونس، تحاول جاهدة أن تخفي ارتعاشة ابتسامة التى انتصرت على ملامحها، لكنها سرعان ما أخفتها تحت ستار الحزن المصطنع.
ابتلعت ريماس ريقها بصعوبة، قلبها يعتصر لكنها تماسكت، وأجابت بصوتٍ ضعيف لكنه يحمل قوة داخله:
_أكيد… دول عندي بالدنيا. 
كان يونس على وشك أن يبوح بما يخفيه صدره، الغضب يشتعل في ملامحه والحقائق تتدافع على طرف لسانه… لكن يد ريماس المرتجفة أمسكت بيده فجأة، وضغطت عليها برفقٍ واضح الإصرار، تشير له بعينيها بالأ يتفوه بما يدور في ذهنهُ. 
أدرك يونس رسالتها، فابتلع غصته وصمت، فيما ارتسمت على وجه سِهام ابتسامة خفية وقد شعرت أنها حققت ما أرادت.
ثم نهضت من مكانها، وهي ترتب حقيبتها بنبرة تمثّل اللطف: 
_طيب نستأذن أحنا...هنيجي بكره إن شاء الله و"سليمان" معانا.
لتغادر سِهام، تتبعها والدة يونس بخطواتٍ بطيئة، تاركتين وراءهما جوًا مثقلًا بالمرارة والتوتر، كأنهما ألقيا سمًّا في المكان وغادرتا لتستمتعا بآثاره لاحقًا.
وما إن ابتعدوا عن المشفى، التفتت والدة يونس نحو سِهام، وعلى وجهها ابتسامة خبيثة تحمل في طياتها التهنئة:
_ايه يا بنتي اللي عملتي ده! 
ابتسمت سِهام ابتسامة واثقة، امتلأت بالشرر والخبث: 
_ما أحنا يا ماما لازم نوصل للي عايزينهُ! 
لكن فجأة، انتبهت والدة يونس أن طريق العودة مختلف، لتقطب حاجبيها باستغراب: 
_أحنا رايحين فين؟! 
أجابتها سِهام ببرودٍ مريب، وعيناها مثبتتان على الطريق: 
_لعجفاء طبعاً! 
تعليقات