رواية وخذلني الحب الفصل الثالث3 بقلم شروق فتحي

رواية وخذلني الحب الفصل الثالث3 بقلم شروق فتحي
في اليوم التالي، أستيقظت ريماس وكأن جسدها قد دُعس بقطار، تنهض بخطوات مترنحة، تمر بجوار غرفة يونس، وما أن أوشكت على تجاوزها... حتى فُتح الباب فجأة، توقّفت قدماها في مكانهما، وارتبكت أنفاسها، لتلتقي عيناها بعينيه.
كانت عيناه حمراوين، غائرتين كأنهما لم تذوقا النوم، ووجهه شاحب يقطر ألمًا.
تقدّم خطوة نحوها بصوتٍ مبحوح:
_ريماس... لازم نتكلم!
ارتعشت يداها، وكأن قلبها سقط بين قدميها:
_خير يا يونس... في إيه؟!
سكت لحظة، ثم مرّر يده على وجهه، وصوته يخرج كأنما يجرح حنجرته:
_أنا مش قادر أكمّل كده...أنتِ من حقك تكوني أم!
شهقت ريماس، وكأن قلبها يرفض كلماته، فأمسكت يديه بكل قوتها، وعيناها تبرق بالدموع:
_أنا مش عايزه حاجة في الدنيا غيرك... أنتَ أهم حاجة عندي!
ارتجف جفناه، وكأن دمعة ثقيلة تستأذن بالسقوط، لكنه أدار وجهه بعيدًا يحاول كتمها، فيما شدّت ريماس على يديه أكثر، تهمس بصوت مرتجف:
_ما تسيبنيش يا "يونس"... وجودك هو حياتي!
لينظر لها بأعين تملؤها الحيرة، وصوته يتكسر بين الحروف: 
_بس أنا كده هكون أناني وبظلمك...ده حقك! 
لتقترب أكثر منهُ، بابتسامة خفيفة تتناقض مع الدموع المعلّقة بعينيها: 
_أحنا لما أتجوزنا أنا أتجوزتك؛ علشان بحبك لكن أى حاجه تانيه مش بفكر فيها، حقي الوحيد أنك تفضل معايا!
تساقطت الكلمات على قلبه كجرسٍ يطرق داخله بقوة، فيخفض رأسه قليلًا محاولًا أن يخفي ارتجافه، بينما هي ترفع يده بين يديها، وتضغط عليها بحنان كأنها تخشى أن يختفي: 
_يعنى مش هيجي عليكي وقت وتندمي! 
لتبتسم، وداخل عينيها إصرار يذيب كل شكوكه: 
_أنا فعلًا هندم لو عملت اللي في دماغك.
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰
لم يستطع أن يتمالك نفسه أكثر، فاندفع نحوها يعانقها بقوة، كأنه يخشى أن تُسحب منه في أي لحظة، بينما هي أغمضت عينيها، واستسلمت لذلك الحضن الذي حمل كل الإجابات دون كلمة واحدة.
ليجد هاتفه يهتز على الطاولة، لينظر فإذا باسم والدته يضيء الشاشة.
قبل أن يجيب، مدت ريماس يدها تمسك بيده، وعيناها ترتجفان بالرجاء: 
_لما تسألك على التحليل قول لها كويسه الحمدلله!
ظل ينظر لها لحظة بعينين تملؤهما الامتنان والحب، ثم ابتسم ابتسامة صغيرة ممزوجة بالمرارة: 
_ربنا يخليكي ليا... 
ربّت على يدها بحنان، ليمسك الهاتف ويجيب، بينما هي تركته بخطوات هادئة، ودخلت غرفتها، كأنها تمنحه المساحة ليتنفس بعيدًا عن ثقل الموقف.
والدة يونس بلؤم يتملكها: 
_أنا مش داخل عليا موضوع ده...طيب لو تحليل كويسه ايه سبب التأخير؟! 
ابتلع ريقه، وهو يخرج كلماته بثقل، كأن صخرة جاثمة على صدره: 
_قدر ربنا يا ماما...دكتوره قالت هو وقت مش أكتر!
زفرت بضيق، ثم رفعت صوتها قليلًا: 
_يا بني قولي لو مراتك فيها حاجه؟! 
ضغط على قبضته حتى كادت عروقه تبرز، وأجبر نفسه على الثبات: 
_صدقيني يا ماما...كل حاجه كويسه الحمدلله.
بعدما أنهت والدة يونس المكالمة، التفتت إلى زوجة ابنها الأخرى، التي رمقت والدته بنظرة مريبة وهي تقول بغلٍ دفين: 
_وأنتِ يا ماما مصدقة الكلام ده...مش بعيد يكون العيب منها، و"يونس" مش عايز يقول! 
زمّت والدة يونس شفتيها بضيق، والشك يزداد في صدرها: 
_وأنا حاسة بكده يا "سِهام"...أصل أنتِ مشوفتيش وشها لما قابلتها امبارح...وكأنها حد ميت عندها! 
ابتسمت "سِهام" ابتسامة جانبية وهي تمرر يدها على ذقنها:
_بس يبقى هي فعلًا العيب منها...مش محتاجه تفكير!
في الجهة الأخرى، عند ريماس، كانت تتحدث مع والدها، وصوته يملؤه الفخر:
_بنت أصول... هو ده اللي ربيتك عليه، إنك تستري جوزك وما تكسريهوش قدام حد!
وهي تأخذ نفسًا عميقًا يحمل الأرهاق، وهي تهمس بصوت منخفض حتى لا يسمعها يونس:
_بس الست أمهُ العقربة دي مش هتسكت!
بابتسامة خفيفة:
_هتعمل ايه يعنى...أنتِ تأكدى أنك معملتيش حاجه غلط...وجوزك مش هيتنازل عن حقك...وهو عمرهُ ما هينسى وقفتك جمبهُ!
لتبتسم ريماس رغم الدموع في عينيها، وكأن كلمات والدها زرعت في قلبها طمأنينة ودفعة جديدة لمواجهة كل ما سيأتي.
لتمر الأيام بينما ريماس كانت جالسة مع يونس، وهي تضغط على يدها بتوتر، ليلاحظ يونس ارتباكها: 
_في ايه يا "ريماس" حاسس أنك عايزه تقولي حاجه؟! 
وهي تبتلع ريقها بتوتر، وكأن حلقها جُف من التوتر: 
أحم...... 
تعليقات