
لحظة يا ماما... أشوف مين اللي بعتلي!
وما أن فتحت الرسالة، اتسعت حدقة عينيها، وتجمدت الدماء في عروقها، لتتسمر في مكانها وكأن الأرض ابتلعتها. أنفاسها تتلاحق، يديها ترتجفان بشدة، وعندما وجدت والدتها صمتها طال وأن أنفاسها يظهر عليها الأضطراب:
_في ايه...بت أنتِ روحتي فين؟!
لكن صوت ريماس خرج متقطعًا، متلعثمًا:
_سسسلام دلوقتي يا ماما!
وأغلقت الخط سريعًا، لم تنتظر ردًا، وظلت تحدّق في الرسالة بعينين غارقتين في الذهول. وضعت كفها المرتجف على وجهها، دموعها تهدد بالسقوط، ليردد قلبها:
_هل كل هذا كان وهمًا؟!...ولم يكن حبًا!...كنتُ في خداع؟!
في الجهة الأخرى، كان يونس قد غادر من عند والدته. جلست سِهام وهي تضغط على يدها بتوتر:
_ماما تفتكرى لو "يونس" عرف أن أحنا اللي ورى ده...هيعمل ايه؟!
والدة يونس، وعينيها تلمع بخبث:
_مش تخافي!
سِهام ابتلعت ريقها بارتباك:
_يا ماما أنا أول واحده "يونس" مش هيرحمها!
لتتغير ملامح والدتهُ، وهي تعقد حاجبيها بغضب:
_وأنا روحت فين..."يونس" مش هيقدر، يقربلك طول ما أنا موجوده!
وفي تلك اللحظة تدخلت "هناء" بنت خالته بابتسامة ماكرة:
_يااا يا خالتي قربنا اوي!
في الجهة الأخرى كانت ريماس جالسة وعيناها لا تتوقفان عن زفر الدموع، وما أن سمعت أن أحد يفتح الباب لتمسح دموعها سريعًا، ليدخل يونس فيُصدم من حالتها:
_"ريماس" أنتِ كنتي بتعيطي؟!
لتنظر لهُ ونظراتها كأنها نيران تحرق من أمامها:
_كنت فين؟!(وقبل أن يجيب تشير، لهُ بسبابتها بتحذير) وأوعى تكدب؟!
لينظر لها وهو عاقد حاجبيه بدهشة من أسلوبها:
_في ايه يا "ريماس"...وهكدب ليه أنا كنت عند ماما؟!
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰
لتبتسم ابتسامة ساخره:
_ماما تصدق صدقتك...أو ممكن فعلًا كنت عندها...(وهي ترفع من صوتها) بس مقضيها مش كده!
لتتحول نظراتهُ للغضب:
_ايه اللي أنتِ بتقولي ده...وإزاى تكلميني كده؟!
وهي تهز رأسها ساخرة:
_ايه براءه اللي أنتَ فيها دي...وكأنك معملتش أى حاجه؟!
وهو يلقى مفاتيحهُ على طاولة بغضب:
_ما تقولي في ايه؟!
لتمسك ريماس هاتفها بيد مرتجفة وتضعه أمام ناظريه بحدة:
_ها ايه رأيك؟!
ابتلع يونس ريقه بتوتر واضح، وحاول التماسك:
_في ايه يا "ريماس" مكبره الموضوع كده ليه؟!
اتسعت حدقتا عينيها بصدمة ممزوجة بالغضب:
_مكبرة الموضوع؟!... اه قولتلي وأنا المغفلة اللي كنت بتضحك عليها...(وهي تقلدهُ بسخرية)دي هي اللي بتجرى ورايا يا "ريماس" دي هي اللي بتحبني يا "ريماس" (ثم رفعت صوتها صارخة، وكأن حنجرتها تتمزق) وأنا العبيطه اللي اصدقك مش كده؟!
حاول الاقتراب منها ليهدئها، لكن صرخت في وجهه بجنون:
_أوعى تقرب مني فاهم!
أخذ يونس نفسًا عميقًا، وصوته يخرج بثقل:
_أنتِ فاهمه غلط والصور مش زي ما أنتِ فاهمه!
وهي تعقد ذراعيها وتكمل بسخرية:
_لا يا شيخ بالنسبة لصور دي كنت مقرب لها كده ليه؟! ايه...كنت بتحضنها أصل محرومه من حنان الاب؟!
ليضع يده على فمهُ يحاول كبح ضحكاتهُ:
_يا بنتي كان دبوس الطرحة مش مظبوط وكان هيعورها!
لتتسع عيناها أكثر، ويزداد غضبها حتى شعرت أن دمها يكاد ينفجر في عروقه:
_ايه الاستفزاز اللي أنتَ فيه ده...أنتَ عايز تموتني! (يحاول الاقتراب منها مرة أخرى، لكنّها تصرخ بوجهه بصوتٍ حاد)
قولتلك... ما تقرّبش!
ليرفع يديه مستسلمًا، محاولًا تهدئتها:
طيب... اهدي شوية بس! هي فعلًا ما كانتش واخدة بالها... وأنا ما كنتش عارف إن المنظر ده يضايقك كده!
وهي تقلّب الصور أمام عينيه، بنظرات تمتلئ مرارة:
وهنا... كانت ماسكة إيدك، وتضحكوا مع بعض... وهنا... مفيش حتى مسافة بينكوا!(ترفع رأسها لتنظر في عينيه مباشرة، وصوتها يخرج مكسورًا بالألم)بلاش تحاول تبرّر... أنتَ إنسان خاين... وعمرك ما قدّرت ولا لحظة من اللي بعمله علشانك!
(صوتها يرتعش، لكن نبرتها حادّة)أنا ضحيت بحاجات كتير... وكنت بقول "هو أهم من أي حاجة"... وفي الآخر ده اللي استحقّه؟ خيانة؟!
ولكنها لم تمنحه فرصة ليدافع عن نفسه، اندفعت بخطوات سريعة نحو الغرفة.
لكنهُ أمسك بيدها، وصوته متهدّج وحزن غائر يملأ عينيه، وندم ينهش ملامحه:
_صدقيني أنا عمرى ما خُنتك ولو ثانية واحدة...وعمرى ما حبيت ولا هحب غيرك...أنا لو هخسر العالم كلهُ مش أخسرك أنتِ!
لتبتسم له بسخرية مُرة، والدمع يتلألأ في عينيها:
_واضح...أنتَ خذلتني يا "يونس" كنت فاكراك غيرهم!
ثم تنتزع يدها بقوة، وتدخل الغرفة، تُغلق الباب خلفها، وتُسند ظهرها عليه. ببطء، تنزلق إلى الأرض، كأنما سُحبت منها كل طاقتها.
تُسقط رأسها بين ركبتيها، وتنهار الدموع التي كانت تحبسها طويلًا، تتساقط بغزارة، وأنفاسها تتقطع وهي تحاول كتم شهقاتها، لكن قلبها كان يصرخ بداخلها.
ليظل يونس واقفًا ينظر إلى طيفها، قبل أن ينهار جالسًا على الأريكة، واضعًا كفيه على وجهه بضيق:
_غبي غبي...إزاى تعمل كده...بس مكنش قصدي..الصور مش زي الحقيقة!
لكن هنا أستوقفه عقله فجأة، ليجحظ بصره:
_صور...ماذا؟! هذا يعنى أن أحد كان يصورك...ليزرع الشك بيننا!
ولكنهُ وقف مترددًا لحظة، ثم سار نحو الغرفة يطرق الباب بخطواتٍ مثقلة وهمس يعلوه رجاء:
_"ريماس" أنا عايز أتكلم معاكي لو سمحتي!
لتمر ثواني ثقيله، حتى وجد الباب يُفتح وووو