
يا حبيبتى أنتِ متجوزه من سبع شهور المفروض نروح نكشف عليكي؛ علشان نطمن ونعرف ايه سبب تأخير الحمل!
وهي تأخذ تنهيدة:
يا ماما أنا سايبه كل حاجه على ربنا، مش مستعجله!
والدتها وهي تضع يدها على كتفها:
_طيب بصي هنروح لدكتور علشان نطمن يا حبيبتى!
وهي تزفر بإستسلام من إلحاح والدتها:
_ماشي يا ماما.
لتذهب مع والدتها لطبيبة، وما أن دخلت غرفة الكشف كانت تشعر بتوتر، والدتها:
_ممكن نعرف سبب تأخير الحمل!
الطبيبة بابتسامة خفيفة:
_طيب بصي أحنا لازم نعمل تحليل ليكي ولزوج حضرتك علشان نعرف السبب!
وهي تهز رأسها بخجل:
_تمام يا دكتورة…
مدّت الطبيبة ورقة صغيرة:
_دي قائمة بالتحاليل اللي محتاجين نبدأ بيها.
الأم وهي تأخذ الورقة بسرعة:
_حاضر يا دكتورة، هنجهز كل حاجة.
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰
أما هي فكانت عيناها زائغتين نحو الأرض، وقلبها يطرق كأنها تدخل اختبارًا مجهولًا، ولم تدري أهو خوف من النتائج؟ أم من نظرات المجتمع التي لا ترحم المرأة إذا تأخر حملها؟
خرجت من العيادة، والهواء بالخارج بدا أثقل مما كان. أمسكت يد والدتها التي ابتسمت مطمئنة:
_متخافيش يا "ريماس"، كله خير إن شاء الله.
لكنها لم ترد، واكتفت بابتسامة باهتة… بينما في أعماقها كان سؤال يلح عليها:
"ماذا لو كنتُ أنا السبب؟"
لتعود إلى منزلها، فتجد زوجها في إنتظارها بابتسامة:
_عملتى ايه يا حبيبتى؟!
ريماس بابتسامة مرتجفة، وقلبها يخفق بخوف:
_الدكتوره طلبت كام تحليل ليا وليك، علشان تعرف سبب التأخير!
وهو يمد يديه، ويضعها على كفها وهو يربت عليها، بحنان:
_إن شاء الله خير يا حبيبتى متخافيش، ايه اللي موترك كده!
وهي تأخذ نفس عميق:
_مفيش، هروح أجيب الأكل....(وما أن دخلت المطبخ، حتى بدأت أنفاسها تتعالى بخوف، وصوت عقلها يلح عليها:
ماذا سيحدث إذا كانت المشكله منك، هل سيتخلى عنك، وسيتزوج غيرك؟!
ليجاوبها قلبها بنفى، ولكنه غير متأكد، بإرتباك:
بالتأكيد لا لن يفعل ذلك، هو يحبك!
عقلها بسخرية:
كم أنت ساذج، بالتأكيد سيتخلى عنها، فهو حينها سيكون يريد أن يكون أب!)
ليقاطع حديث عقلها دخول زوجها إلى المطبخ، وهو يبتسم بحنان:
_أسأعدك في ايه يا حبيبتى؟!
في الجهة الأخرى، كانت والدة ريماس تجلس بقلق، وملامحها مشدودة:
_ربنا يستر أنا خايفه على البت "ريماس" وهي من كتر التوتر ممكن يحصلها حاجه؟!
زوجها بابتسامة خفيفة:
_وهي ايه اللي مخوفها كده، مفروض تهدى، كل اللي هيجيبه ربنا خير!
تنهدت الأم تنهيدة مرتجفة، ورفعت عينيها للسماء:
_أسترها يارب!
في اليوم التالى كانت ريماس جالسة شاردة الذهن، حتى قاطع تفكيرها الطرق على الباب، لتجدها والدة زوجها، التي بادرتها بابتسامة ظاهرية:
_إزيك يا حبيبتى؟.... قال قوليلى أنا عرفت من "يونس" أنك روحتي لدكتوره إمبارح عملتى ايه؟!
زمّت ريماس شفتيها وأخذت تنهيدة قصيرة قبل أن ترد:
_قالتلي هنعمل شوية تحليل ليا وليونس؛ علشان تعرف سبب تأخير!
لمعت عين الحماة بنظرة ساخرة، وقالت بلهجة تحمل غِلًّا:
_أنا كده كده ابنى سليم الحمدلله، أصل أخواتهُ كلهم عندهم بالتلاته والأربعه ما شاء الله!
شعرت ريماس بدمائها تغلي، وضغطت على قبضة يدها لتخفي غضبها، ثم ردت ببرود:
_ما أنا أخواتي برضو كده، هو عامة كل حاجه بتكون رزق من ربنا!
وهي ترفع جانب شفتيها بضيق منها:
_ونعم بالله، وهتعملي تحليل دي أمتى؟!
أخذت نفسًا قصيرًا قبل أن تتابع:
_هروح انا و"يونس" انهارده بعد ما يخلص شغله!
نظرت لها حماتها بعين ضيقة ونبرة اعتراض:
_ما تروحي أنتِ، هيكون جاي من الشغل وتعبان وهو. يكون جاي من الشغل وكمان يجي معاكي!
اشتدت قبضة ريماس على يدها، وقالت وهي تحاول أن تكبح غضبها:
_ما هو أنا بقول لحضرتك(وهي تضغط على أسنانها) هو كمان هيعمل تحليل!
وقفت الحماة تستعد للذهاب وهي تقول بفتور:
_طيب همشي أنا!
اتجهت نحو الباب، بينما ريماس من داخلها تكاد ترقص فرحًا لأنها ستتخلص أخيرًا من وجودها الثقيل:
_ما أنتِ قاعدة!
وهي تنظر بنظرة جانبية، وترفع شفتيها بضيق:
_لا عمك مستنيني، وأنا هبقى أعرف نتيجه من "يونس"!
وما أن خرجت، لتركل ريماس الأرض بضيق:
_يارب مش تفرح الست العقربة دي فيا!
أتى يونس، ليصطحب ريماس لذهاب لمعمل التحليل، وما أن انتهت من التحليل، وهي تنظر لممرضة بتوتر:
_هي التحليل هتطلع أمتى؟!
كانت الممرضة تنظم الملفات أمامها، ثم رفعت رأسها بابتسامة مهنية:
_بعد يوم إن شاء الله!
سأل يونس وهو يقترب:
_يعني نجي بكرة نستلمها؟
أومأت الممرضة بالإيجاب. خرج يونس ممسكًا بكف ريماس الذي كان يرتجف من الخوف، وقال وهو يحاول أن يخفف عنها:
_في مطعم عاجبنى أوي قولت لازم نروح مع بعض ايه رأيك؟!
رفعت نظرها إليه، وابتسمت ابتسامة خفيفة بدّدت شيئًا من قلقها:
_يلا!
جلسا في المطعم، وأضواء الشموع تنعكس على وجه ريماس الذي ما زالت ملامحه تحمل أثر القلق. مدّ يونس يده ليمسك يدها عبر الطاولة، وقال بنبرة صادقة:
_أنا عارف إنك متوترة… بس صدقيني، مهما كانت النتيجة، أنا جنبك. إنتِ أهم حاجة في حياتي.
أرتجفت نظرات ريماس، وكأن الكلمات اخترقت جدار خوفها، همست بصوت مبحوح:
_بس يا يونس… لو كنت أنا السبب؟
شدّ على يدها أكثر، وابتسم ابتسامة دافئة:
_يبقى السبب أجمل حاجة في حياتي… وجودك إنتِ. إحنا مع بعض، وربنا كبير.
غرقت عيناها في دموع متلألئة، لكنها لم تفرّ، بل اكتفت بابتسامة باهتة. شعرت للحظة أن قلبها أخيرًا وجد سندًا يواجه به كل الأصوات التي تحاصرها.
وبعد مرور فترة، عادا إلى منزلهما.
في الليل، تمددت ريماس على الفراش، تحاول جاهدًة أن تغفو، لكن عقلها لم يتركها، يلحّ عليها بألف سؤال وسؤال.
تقلبت يمينًا ويسارًا، ثم أدارَت رأسها لتجد يونس يغطّ في نوم عميق، ملامحه هادئة كطفل، وكأن لا شيء يشغله.
زفرت بهدوء، وهمست لنفسها:
_يا ترى لو طلعت المشكلة مني… هيقدر يفضل جنبي زي ما وعدني؟ ولا هيستسلم لكلام الناس وأمه؟
دمعة ساخنة انسلت على خدها، مسحتها سريعًا قبل أن يلحظها، ثم أغمضت عينيها محاولةً إجبار نفسها على النوم… لكن قلبها ظل يطرق بقلق، في انتظار الغد.
في اليوم التالي، كانت عينا ريماس ذابلتين من قلّة النوم. اتصلت بيونس، وطلبت منه ألّا يذهب وحده لاستلام النتيجة:
_لازم أكون معاك… مش هقدر أستنى في البيت.
ليأتى يونس ويصطحب معهُ ريماس، كانت تتصاعد السلالم وقلبها يكاد يتوقف من شدّة الخوف، تخطو خطواتها كأن كل خطوة تُغرس في قلبها كسكين. حتى وصلت إلى مكتب الاستقبال، تقدّمت نحو الممرضة، لتخرج حروفها بصعوبة وهي تبتلع ريقها:
_لو سمحتي أحنا كنا عاملين أمبارح تحليل بأسم ريماس عادل، ويونس منصور!
بدأت الممرضة تبحث بين الملفات، ثم رفعت رأسها قائلة:
_أيوه… موجود!
تسارعت أنفاس ريماس، وكأن اللحظة التي كانت تهرب منها قد جاءت أخيرًا.